هناك مشكلة كبيرة في الكويت لا يتطرق لها مرشحي مجلس الأمة إلا ما ندر وذلك إما لاستحالة إيجاد الحلول لها أو لأن هذه الحلول قد تؤثر على شريحة كبيرة من الناخبين المتسببين مباشرة في هذه المشكلة
المشكلة أعزائي هي البيروقراطية القاتلة، وسأحكي لكم آخر مغامراتي معها
قبل عدة سنوات، كنا نملك أنا وأشقائي معهد صحي للنساء في منطقة الشعب البحري، وبعد سنوات من العمل ارتأينا إغلاقه ونقل الخدمات التخصصية لتخفيف الدهون التي كان يقدمها إلى نادي صحي أكبر حجماً ليقدم نفس الخدمة من ضمن خدماته المتنوعة
وتم إغلاق المعهد الصغير وألغي عقد الإيجار وذهب كل إلى طريقه، وتم تأجير الموقع على مؤسسة أخرى في سنة 2007
إلى هنا وكل شيء عادي وطبيعي، صح؟ هاهاها... انتو وين عايشين؟؟
في صيف 2008 وأنا أقوم بتجديد بعض التراخيص التجارية وبعض سجلات السيارات وغير ذلك من أمور روتينية أخرى، فوجئت بمخالفة من البلدية تم تحريرها ضد المعهد الصحي في 2006 بسبب وجود عاملة تعمل بترخيص صحي منتهي الصلاحية
انزين... مو مشكلة.. ندفع المخالفة ونكمل معاملاتنا، لكن هيهات... لماذا نبسط الأمور إذا كان تعقيدها أسهل بكثير؟؟
اضطررت الذهاب إلى إدارة تنفيذ أحكام البلدية في الفروانية لأدفع الغرامة شخصياً، وهي بالمناسبة تقع ضمن مجموعة عمارات سكنية ضيقة ومترهلة تم تأجيرها لإدارات تنفيذ الأحكام المتنوعة. طبعاً الفوضى والقذارة في الداخل كما تتصورون بالضبط
عندما استطعت - عنوة - أن أستجذب انتباه الشخص المسؤول، حاولت أن أشرح له أنه لدي مخالفة وأريد دفعها لأتابع أعمالي المعطلة، فبعثني إلى غرفة ضيقة وقاتمة حيث قامت الموظفة المنقبة هناك بالبحث عن المخالفة على الكمبيوتر وقالت لي عند العثور عليها بأني معارض للدفع وأنه يجب علي حضور جلسة محكمة ليحكم القاضي بغلق المحل
نسيت أقول لكم ان المخالفة قيمتها 100 دينار
ذهبت إلى مجمع المحاكم في الرقعي، وتهت هناك ما بين الأروقة والغرف والملفات والفوضى العارمة وكل موظف يعطيني معلومة تختلف عن الذي بعده.. أضف إلى ذلك مجموعة موظفين "ردّاحين" من الدرجة الأولى. للأمانة، أنا الذي فقدت أعصابي واستفزيتهم فردّوا علي بالصراخ بأسلوب المسلسلات المصرية وفرش الملاية
لكن معلش.. لو كانت حاجتك عند الكلب تقول له يا سيدي
وفي إحدى غرف الكمبيوتر، وجدت موظف مبتسم وباله طويل وشرحت له مشكلتي.. فقال لي راح أمشيها لك بس تدفع الغرامة وتتوكل على الله
قلت له هذا عين العقل!! ويني عنك من زمان؟؟
دفعت مائة دينار وذهبت مجدداً إلى الفروانية لإزالة الحكم - مادري ليش حاطين شبكة وكمبيوتر ودوخة - وهناك أخبرني المسؤول أن إزالة الحكم مؤقتة لكي أباشر أعمالي المعطلة لكن القضية لا زالت عالقة بانتظار حكم المحكمة
خرجت من هناك أستشيط غضباً والشرار يتطاير من عيني.. بعد أن هدأت أعصابي باشرت أعمالي المعطلة وارتحت مؤقتاً
لأنه بعد 6 شهور أضطررت للعودة إلى نفس الموّال مرة أخرى، لكن هذه المرة مع مندوب شاطر يعرف خبايا ودواعيس الحكومة.. إلى أن اصطدمت بموضوع حضور جلسة غلق المحل شخصياً وهنا استسلمت للأمر الواقع واستخرجت توكيل خاص للمندوب لمتابعة القضية في المحكمة.. لأني أؤكد لكم لو أني قمت بالحضور شخصياً لفقدت أعصابي أمام القاضي ولوجدتوني الآن في السجن
ذهبت لاستخراج التوكيل من حكومة مول - كل شي عندنا صار مول - واستغرق الأمر ساعة كاملة... خرجت بعدها لأجد مخالفة مرورية على سيارتي
أفففففففف..... وراي وراي يا حكومة؟؟ سيبيني بحالي
-----
أعتقد أن لكل منا تجاربه المريرة مع البيروقراطية القاتلة، والروتين الذي يكسر الهمة ويثبط العزيمة.. أصحاب القرار من الكبير إلى الصغير إما ليس لديهم أدنى فكرة عما يحدث أو لا يهتمون بالموضوع لأن شغلهم ماشي أو يستفيدون مباشرة من هذا الوضع المأساوي اما عن طريق الرشاوي أو جيوش المندوبين الذين نضطر للاستعانة بهم... وهل نستغرب انتشار الرشوة والفساد إذا كانت بعض القوانين واللوائح جائرة وتعجيزية؟؟
إن تعديل هذه الأوضاع الرديئة قد يتطلب إنهاء خدمة الكثير من الموظفين.. لكن هذا لن يحصل ما داموا يتحصنون وراء ممثليهم في مجلس الأمة الذين يساهمون باستمرار هذه المآسي اليومية حفاظاً على أصوات ناخبيهم
المشكلة أعزائي هي البيروقراطية القاتلة، وسأحكي لكم آخر مغامراتي معها
قبل عدة سنوات، كنا نملك أنا وأشقائي معهد صحي للنساء في منطقة الشعب البحري، وبعد سنوات من العمل ارتأينا إغلاقه ونقل الخدمات التخصصية لتخفيف الدهون التي كان يقدمها إلى نادي صحي أكبر حجماً ليقدم نفس الخدمة من ضمن خدماته المتنوعة
وتم إغلاق المعهد الصغير وألغي عقد الإيجار وذهب كل إلى طريقه، وتم تأجير الموقع على مؤسسة أخرى في سنة 2007
إلى هنا وكل شيء عادي وطبيعي، صح؟ هاهاها... انتو وين عايشين؟؟
في صيف 2008 وأنا أقوم بتجديد بعض التراخيص التجارية وبعض سجلات السيارات وغير ذلك من أمور روتينية أخرى، فوجئت بمخالفة من البلدية تم تحريرها ضد المعهد الصحي في 2006 بسبب وجود عاملة تعمل بترخيص صحي منتهي الصلاحية
انزين... مو مشكلة.. ندفع المخالفة ونكمل معاملاتنا، لكن هيهات... لماذا نبسط الأمور إذا كان تعقيدها أسهل بكثير؟؟
اضطررت الذهاب إلى إدارة تنفيذ أحكام البلدية في الفروانية لأدفع الغرامة شخصياً، وهي بالمناسبة تقع ضمن مجموعة عمارات سكنية ضيقة ومترهلة تم تأجيرها لإدارات تنفيذ الأحكام المتنوعة. طبعاً الفوضى والقذارة في الداخل كما تتصورون بالضبط
عندما استطعت - عنوة - أن أستجذب انتباه الشخص المسؤول، حاولت أن أشرح له أنه لدي مخالفة وأريد دفعها لأتابع أعمالي المعطلة، فبعثني إلى غرفة ضيقة وقاتمة حيث قامت الموظفة المنقبة هناك بالبحث عن المخالفة على الكمبيوتر وقالت لي عند العثور عليها بأني معارض للدفع وأنه يجب علي حضور جلسة محكمة ليحكم القاضي بغلق المحل
نسيت أقول لكم ان المخالفة قيمتها 100 دينار
محكمة عشان 100 دينار؟ يبا خذوا مني 100 وفوقهم 50 بعد، بس فكوني وخلوني اشوف شغلي
لا.. ما يصير... لازم محكمة لأنك معارض
بس انا ما عارضت المخالفة
مكتوب هني انك معارض فحولوها المحكمة
بس المحل صكيناه من سنتين... والحين فيه مستأجر جديد وهذه صورة من عقد الإيجار ماله ورخصته التجارية سارية الصلاحية
ما يهم... لازم تروح مجمع المحاكم في الرقعي وتشوف الموضوع هناك
ذهبت إلى مجمع المحاكم في الرقعي، وتهت هناك ما بين الأروقة والغرف والملفات والفوضى العارمة وكل موظف يعطيني معلومة تختلف عن الذي بعده.. أضف إلى ذلك مجموعة موظفين "ردّاحين" من الدرجة الأولى. للأمانة، أنا الذي فقدت أعصابي واستفزيتهم فردّوا علي بالصراخ بأسلوب المسلسلات المصرية وفرش الملاية
لكن معلش.. لو كانت حاجتك عند الكلب تقول له يا سيدي
وفي إحدى غرف الكمبيوتر، وجدت موظف مبتسم وباله طويل وشرحت له مشكلتي.. فقال لي راح أمشيها لك بس تدفع الغرامة وتتوكل على الله
قلت له هذا عين العقل!! ويني عنك من زمان؟؟
دفعت مائة دينار وذهبت مجدداً إلى الفروانية لإزالة الحكم - مادري ليش حاطين شبكة وكمبيوتر ودوخة - وهناك أخبرني المسؤول أن إزالة الحكم مؤقتة لكي أباشر أعمالي المعطلة لكن القضية لا زالت عالقة بانتظار حكم المحكمة
انزين وال100 دينار اللي دفعتهم توني؟
هذه حق الغرامة... بس موضوع غلق المحل ما زال لدى المحكمة
يا ولد الحلال، يا &*%$#@ أقول لك المحل صكيناه من سنتين وطلعنا منه!! روحوا فتشوا الموقع، ما راح تلاقون شي غير المستأجر الجديد وهذا عقده ورخصته
الحكم صادر ولازم يتنفذ
انزين يبا روحوا غلقوه.. كيفكم... بس خلوني اشوف شغلي
روح شوف شغلك بس بعد ثلاثة شهور راح ينزل عليك المنع مرة ثانية
منع سفر على 100 دينار؟؟؟
لا اخوي مو منع سفر، بس معاملاتك راح تتعطل مرة ثانية
انزين يصير خير
خرجت من هناك أستشيط غضباً والشرار يتطاير من عيني.. بعد أن هدأت أعصابي باشرت أعمالي المعطلة وارتحت مؤقتاً
لأنه بعد 6 شهور أضطررت للعودة إلى نفس الموّال مرة أخرى، لكن هذه المرة مع مندوب شاطر يعرف خبايا ودواعيس الحكومة.. إلى أن اصطدمت بموضوع حضور جلسة غلق المحل شخصياً وهنا استسلمت للأمر الواقع واستخرجت توكيل خاص للمندوب لمتابعة القضية في المحكمة.. لأني أؤكد لكم لو أني قمت بالحضور شخصياً لفقدت أعصابي أمام القاضي ولوجدتوني الآن في السجن
ذهبت لاستخراج التوكيل من حكومة مول - كل شي عندنا صار مول - واستغرق الأمر ساعة كاملة... خرجت بعدها لأجد مخالفة مرورية على سيارتي
أفففففففف..... وراي وراي يا حكومة؟؟ سيبيني بحالي
-----
أعتقد أن لكل منا تجاربه المريرة مع البيروقراطية القاتلة، والروتين الذي يكسر الهمة ويثبط العزيمة.. أصحاب القرار من الكبير إلى الصغير إما ليس لديهم أدنى فكرة عما يحدث أو لا يهتمون بالموضوع لأن شغلهم ماشي أو يستفيدون مباشرة من هذا الوضع المأساوي اما عن طريق الرشاوي أو جيوش المندوبين الذين نضطر للاستعانة بهم... وهل نستغرب انتشار الرشوة والفساد إذا كانت بعض القوانين واللوائح جائرة وتعجيزية؟؟
إن تعديل هذه الأوضاع الرديئة قد يتطلب إنهاء خدمة الكثير من الموظفين.. لكن هذا لن يحصل ما داموا يتحصنون وراء ممثليهم في مجلس الأمة الذين يساهمون باستمرار هذه المآسي اليومية حفاظاً على أصوات ناخبيهم