أقيم مساء أمس حفل "محور الشر" الفكاهي على مسرح الكلية الأسترالية في مشرف وهو عبارة عن مونولوجات ساخرة تؤديها مجموعة من الشباب الكوميديين من أصل أمريكي-عربي، أو ما يسمى العرب الأمريكان.. وكما هو معروف فإن حياة العرب والمسلمين في أمريكا بعد أحداث 11 سبتمبر أصبحت مليئة بالأحداث والمفارقات، بعضها مؤلم وبعضها مضحك، وهي تشكل مادة دسمة للكتاب والفكاهيين على حد سواء.. لذلك أبدع الشباب المكونين من شابين من أصل عربي وآخر من أصل إيراني باطلاق التعليقات الساخرة على حياتهم اليومية كعرب ومسلمين في أمريكا. وكان معهم أيضاً شاب من أصل كوري حتى يكتمل "محور الشر" كما وصفه الرئيس بوش في خطابه الأحمق الشهير
كانت زيارة المجموعة قد أتت ضمن جولتهم في الشرق الأوسط حيث أقاموا عروضاً ناجحة في القاهرة وعمّان ودبي وبيروت برعاية شبكة شوتايم التي روجت لهذه العروض بشكل ناجح، بالإضافة إلى عرض ســكّــاتــي على مسرح الجامعة الأمريكية في السالمية في الثالث من هذا الشهر... أقول سكّاتي لأن زيارتهم للكويت تم ترتيبها بالسر تحاشياً لعراقيل وزارة الاعلام والتي بدورها ترتعد خوفاً من زعيق جماعات التزمت والنكد المعادين لكل ما هو جميل في الدنيا حرصاً على عاداتنا وتقاليدنا، متناسين أن من عادات أهل الكويت حب الفن والضحك.. ولهم بمسرحياتنا القديمة خير دليل
عندما سألت منظم الحفل شخصياً عن عدم ذكر إسم الكويت ضمن جدول الجولة المعلن على الانترنت والتلفزيون من خلال اعلانات شوتايم أجابني أنه أتى بهم بطريقة ملتوية عبارة عن دعوة خاصة من قبل الجامعة الأمريكية وأن أي ذكر لوجودهم في الكويت سيسبب لهم مشاكل لا تنتهي لأن ذلك سيعتبر عرض مفتوح للشعب ولن تسمح به وزارة الإعلام التي لم تحدد بعد ما هو المسموح وما هو الممنوع.. وليش عوار الراس أصلاً؟؟؟ إن من شروط وزارة الإعلام قبل إجازة أي عرض أن تطلع على النص الكامل إن كان عرض مسرحي لتقرر فيما بعد إن كان يصلح لعقول الشعب الكويتي البريء أم لا.. بالله عليكم كيف يمكن لأي رقيب أن يطلع على نكت وتعليقات مجموعة من الكوميديين الأمريكان وهي ليست مكتوبة أصلاً، وهل سيطلبون ترجمتها إلى العربية؟ وحتى عندما تجيز الوزارة أي عرض بعد عناء ومذلة، تشترط أن يحضر أحد أشاوسها العرض ليتأكد من الالتزام بالنص كما وافقت عليه.. ولكم أن تتخيلوا منظرهم بوجوههم العابسة وسط الجماهير التي جاءت بحثاً عن الضحك والمرح... وتخيلوا أيضاً الصورة الجميلة للكويت التي فوتنا فرصة الترويج لها لكل من يتابع شبكة شوتايم في الوطن العربي، فعندما يرون أن العرض سيتجول من دبي ولبنان إلى مصر والأردن فإن هذا شيء عادي جداً.. لكن الكويت؟ قد يعطي ذلك انطباع - ولو كان مؤقت - أن الكويت قد عادت إلى رشدها بعد سنوات وعقود من الغيبوبة الإسلامية ورجعت تحتضن الفن من جديد بدلاً من أن تطرده..
ومع ذلك أبديت لمنظم الحفل استعدادي للترويج للحفل على مدونتي لكنه طلب مني أن لا أفعل خوفاً من أن يقرأها أي من المتابعين للمدونات من أشاوس أمن الدولة أو وزارة الإعلام - ماكو شغل؟ - ويقومون بمنع الحفل دون سابق انذار. حتى بوست التحلطم الذي تقرأونه الآن كان معد سلفاً لينشر في الرابع من هذا الشهر لكن عندما علمت أنهم سيعودون إلى الكويت أجلت نشره إلى اليوم حتى لا أسبب لهم أي مشاكل
الطريف - أو المضحك المبكي - أنه حتى عندما أضيفت الكويت بآخر لحظة على جدول موقع شوتايم لم يكن هناك سوى دعوة حضورهم لاافتتاح مطعم منتش في مجمع دار العوضي بدون أي ذكر للعرض المقام على مسرح الجامعة الأمريكية في نفس اليوم! وبالطبع فإن عروض مثل هذه لها تكلفة عالية وانعكس ذلك على اسعار التذاكر لدى مسرح الجامعة الأمريكية الذي يتسع ل300 شخص فقط مقابل مسرح الكلية الأسترالية الذي يتسع لحوالي 250 شخص.. لو كان بإمكان أن يأتي محور الشر إلى الكويت بشكل رسمي وبدون أية عراقيل لكان بالإمكان إقامة العرض في أحد المسارح الكبيرة مثل الدسمة أو كيفان، ولكان بالإمكان أيضاً التسويق والترويج له علناً في وسائل الإعلام.. ولكانت أسعار التذاكر أقل بكثير
ما الذي وصلنا له يا ناس؟ هل يعقل أن نعيش بهذا الرعب لدرجة أننا لا نستطيع استقطاب أي عروض فنية أو فكاهية خوفاً من المنع والذل على يد وزارة الاعلام التي يحكمها مجموعة من الجهلة المتزمتين الذين لا يعرفون الفن ولا يفقهون ابسط أبجدياته، ويتلقون تعليماتهم لا من الوزير والحكومة بل من مشايخ الغلو والجهل والظلام؟!
وبعد كل هذا يخرج لنا كبار الدولة بوضح النهار ويتغنون بالحرية الثقافية في الكويت وبكل وقاحة وانعدام للحياء، وهذا بعد المهزلة السنوية المسماة مجازاً معرض الكتاب العربي الذي تفاديت الكتابة عنه لأني غسلت يدي منه من زمان
تباً لهكذا حرية... أو كما قد يقول شباب محور الشر
Take your %&*$#@* freedom and shove it!!
عموماً كان الحفل ناجحاً بكل المقاييس* لدرجة أنهم أقاموا حفلاً إضافياً في نفس الليلة تلبية للإقبال الشديد والذي يثبت أن الجمهور الكويتي متعطش للترويح والضحك بعيداً عن مسرحيات طارق العلي وعبدالناصر درويش
إليكم بعض اللقطات أدناه من عروضهم في أمريكا لتأخذوا فكرة عن ما فاتكم
* أنا شخصياً لم أحضر أي من العرضين لأني سبق وقد حضرت العرض مؤخراً خارج الكويت